رسم ابتسامة عريضة على وجهه، وتقدم منها قائلا:
-هل أعجبتك اللوحة،يا سيدتي؟
أومأت برأسها،نعم و تابعت التحديق فيها،مما شجعه على الحديث:
-إنها كما ترين، فهي لسفينة وسط الأمواج العاتية، و ..
قاطعته:
-هذا ما أراه.
سحره صوتها،تقدم منها أكثر؛ ليكمل حديثه بصوت خافت:
-في نظر المتفائل،تقاوم أمواج اليم بعزيمة و إصرار،لتصل إلى مرفئها بسلام.
أما المتشائم، فيراها تهوي في قاعه.
التفت إليه، تشكره على توضيحاته، لم يستوعب ما قالته، فقد صعقه جمالها الفتان، و طلعتها البهية بابتسامة عذبة، حملته في غفلة منه، إلى عوالم أخرى.
وقف مشدوها أمام نظراتها، التي كانت تشع بوميض غريب و ساحر، أراد أن يرد عليها، لكن كلماته احتبست في حلقه.
ردد مع نفسه: إنها بلا شك خرجت للتو من إحدى اللوحات الفنية، أودع فيها مبدعها؛ أسرار جمال الكون، بأبهى أشكاله.
ظل يحملق فيها،إلى أن مدت يدها إلى اللوحة،وهى تقول:
-لماذا حبست مياه البحر هنا؟
صاح بها: لا،لا تلمسيها..
أحس بالبلل بين جنابته، فقد اندلق كوب الماء بين يديه،بعدأن غفا فوق الكرسي،من كثرة التعب؛ استعدادا لمعرضه المقبل.
قام من مكانة يتطلع إلى لوحته،التي ما زالت مثبتة في مكانها،و وجه الحسناء يتراقص أمام عينيه و مخيلته، بشتى الألوان والصور، كاسحا كل فضاء غرفته..